أخبار محلية

عن العلاقة الاستراتيجية بين حزب الله وحماس، ودلالات الرسائل المتبادلة.

التحالف بين حزب الله وحماس وتأثيره على استقرار المنطقة.

كتب الدكتور: عبدالله بدوي…

في خضم التحولات السياسية العميقة التي تهز أركان الشرق الأوسط، يبرز التحالف بين حزب الله وحركة حماس كعنصر محوري يتفاعل مع معادلات الاستقرار الإقليمي.
إن الروابط المتينة بين الطرفين لا تشكل فقط دعامة للمقاومة، بل تُعد أيضًا جزءًا من شبكة معقدة من التحالفات التي تضم قوى إقليمية مثل إيران وسوريا واليمن والعراق ولبنان في مواجهة خصومها التقليديين، وعلى رأسهم إسرائيل والدول الساعية للتطبيع معها.
دور التحالف في تعزيز المقاومة المسلحة:
يتجلى التحالف بين حزب الله وحماس في تبادل الدعم العسكري والتكتيكي، مما يُعزز من قدراتهما في مواجهة التحديات الإسرائيلية حيث يتميز حزب الله بخبرته العسكرية المتراكمة نتيجة صراعاته المستمرة، مما يؤهله لتقديم الدعم لحماس في مجالات التدريب العسكري وتطوير الأسلحة، في المقابل، تستفيد حماس من هذا الدعم لتعزيز مهاراتها القتالية في غزة، مما يزيد من استعدادها لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، وبالتالي فان هذا التعاون الاستراتيجي المستمر يمثل تحديًا كبيرًا لكل العابثين والعاملين على جر المنطقة الى فخ التطبيع، حيث يؤدي إلى تفاقم التوترات مع إسرائيل ويزيد من احتمالات التصعيد المسلح.
التداعيات الإقليمية والدولية:
تشكل العلاقات بين حزب الله وحماس جزءًا من شبكة أوسع من التحالفات على الصعيدين الإقليمي والدولي ، ويُعتبر هذا التحالف جزءًا من استراتيجية إيران الرامية إلى تعزيز دور المحور وحضوره الإقليمي، بالرغم من انه يضعها في صراع مع دول تسعى للتطبيع مع إسرائيل وعلى رأسها بعض دول الخليج، وهذا ما يساهم في تعميق الخلافات الإقليمية و يزيد من التعقيدات السياسية التي تواجه المنطقة.
اما على الصعيد الدولي، فيُمثل هذا التحالف تحديًا للسياسات الغربية الرامية للحد من نفوذ إيران وحلفائها، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية وتوسيع نطاق النزاعات.
إسرائيل ومخاوفها المتزايدة:
من منظور إسرائيلي، يُعتبر التحالف بين حزب الله وحماس تهديدًا أمنيًا مباشرًا. ترى إسرائيل في هذا التحالف جزءًا من طوق المقاومة الذي يهدف إلى محاصرتها على الصعيدين العسكري والسياسي، ففي الشمال، يتمركز حزب الله على الحدود اللبنانية مدعومًا بترسانة من الصواريخ، بينما تشكل حماس في الجنوب مصدر تهديد من غزة، وهذه الظروف تضع إسرائيل في حالة تأهب مستمرة، حيث تدرك أن أي تصعيد مع أحد الطرفين قد يستدعي تدخل الآخر، مما يؤدي إلى تشكيل جبهة موحدة متعددة المحاور.
تأثيرات التحالف:
تظل العلاقة بين حزب الله وحماس عنصرًا محوريًا في تشكيل المشهد السياسي والأمني في المنطقة، اذا انه في الوقت الذي يعزز هذا التحالف من قدرات المقاومة، فإنه يزيد أيضًا من التوترات الإقليمية ويضع المنطقة على حافة عدم الاستقرار، وبالتالي فانه من الطبيعي ان يمتد تأثير هذا التحالف إلى الساحة الدولية، مما يمثل تحديًا لمصالح القوى الكبرى ويعقد الحلول الدبلوماسية الممكنة.
صدى تبادل الرسائل:
في خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية، بعث السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، برسالة تهنئة إلى القائد يحيى السنوار بمناسبة انتخابه رئيسًا لحركة حماس ،و رد السنوار برسالة مشابهة، مما يعكس الاحترام المتبادل والتنسيق الوثيق بين الطرفين، حيث تحمل هذه الرسائل دلالات سياسية عميقة تعكس المواقف لكل طرف.
رسائل إلى الداخل:
تأتي هذه الرسائل في وقت حساس للطرفين، حيث تمثل تأكيدًا على استمرار الدعم من حزب الله لحماس، مما يعد رسالة طمأنة للداخل الفلسطيني بأن المقاومة تبقى الخيار الأول، كما تهدف هذه الرسائل إلى تعزيز الثقة بين أنصار الطرفين، مما يعكس قوة التحالف رغم التغيرات الإقليمية.
رسائل إلى الخارج:
أما على الصعيد الإقليمي والدولي، تحمل هذه الرسائل دلالات أوسع، حيث تُعد مؤشرًا على استمرارية الدعم من الدول الراعية لمحور المقاومة، وتظهر أن التحالف لا يزال قويًا ومتماسكًا. إن هذه الرسائل تعزز من موقف محور المقاومة كقوة فاعلة، وترفض أي حلول دبلوماسية تتجاوز الحقوق الفلسطينية.
الرسائل ودلالاتها:
الرسائل المتبادلة بين نصر الله والسنوار ليست مجرد تهنئة، بل تمثل إعلانًا ضمنيًا عن صمود محور المقاومة، كما انها وفي خضم التوترات الإقليمية والدولية، تبعث هذه الرسائل برسالة واضحة مفادها أن المقاومة ستظل الخيار الأول والأخير في مواجهة الاحتلال.
مع الاتساع الملحوظ لهذا التحالف، تتبادر إلى الأذهان تساؤلات عديدة حول تأثيره على الاستقرار الإقليمي، خاصةً في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسياسية.
و مع استمرار التنسيق بين حزب الله وحماس، ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال قائمًا: هل سيؤدي هذا التحالف في النهاية إلى استقرار في المنطقة، أم أنه سيؤجج المزيد من الصراعات تمهيدا للحرب الكبرى؟


(*) دراسات عليا في علم الإجتماع السياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى