حماس تمسك بالارض رغم كل التعقيدات
*حماس تمسك بالارض رغم كل التعقيدات*.*مشهد تسليم المحتجزين انتصار اخلاقي وتنظيمي*.المشهد من غزة في الجولة الرابعة من المرحلة الأولى لتسليم محتجزي الكيان الصهيوني لدى حماس يختصر الكثير من الكلام الدائرحول مستقبل الوضع في القطاع الذي طاله التدمير بنسبة تتجاوز الثمانين بالمئة ..هذا المشهد غير مألوف عادة في أعقاب الحروب : تسليم أسرى بكامل اناقتهم وصحتهم الى العدو ..وبخاصة مع عدو محتل لم يترك شكلا من أشكال القتل والتدمير،والحصار المطبق الا ولجأ إليه..فقد لفت تنظيم حماس لعملية تسليم المحتجزين الصهاينة لديها أنظار المراقبين والعالم ،لما تميز به من دقة وادارة خلاقة ولم تغب عن تنظيم الحفل اللمسات الاخلاقية والانسانية،التي لجأت إليها الجهة المنظمة ، والتي تمثلت بإحضار المحتجزين مع هدايا خاصة وهم بأفضل حلة وبكامل لياقتهم وصحتهم البدنية والنفسية ..ولم يكن يصعب على المراقبين وكاميرات الاعلام ان تتبين السعادة على وجوههم وحركتهم الحرة دون قيود.. ليس بسبب تحررهم فحسب ..وانما لما خبروه وعاينوه أثناء احتجازهم من معاملة مميزة وحرص على حياتهم وتقديم كل ما امكن من اجل حياة طبيعية وآمنة إلى حد ما في ظل ظروف صعبة وتفتقر إلى الامان وتحيط بها المخاطر من كل جانب نتيجة العدوان والقصف الصهيوني المستمر .. هذه اللمسات الإنسانية والأخلاقية في التعامل تظهرت اكثر ما تظهرت في الدفعات الاولى لاطلاق صراح النساءوالفتيات المحتجزات , والتي قيل ان احداهن قامت بتقبيل أحد رجال حماس ، وفي مقابلة تلفزيونية لاحقة أجرتها احداهن سردت تفاصيل عن مراحل الاحتجاز والأسر اكدت فيها ان كل ما كان تطلبه المحتجزات من حاجات خاصة لهن كانت تلبى وان نساء من حماس بعد مرحلة التحقيق السريع كن يشرفن عليهن ويلبين طلباتهن..مسؤولو حماس أكدوا في هذا السياق أن إنجاز المقاومة لعملية التبادل هو بكل كبرياء وابداع يمثل ترسيخا لقيمنا والتزاما مبدئيا بتعهداتنا. ،واننا رغم الظروف القاسية حاولنا الحفاظ على صحة الأسرى لدينا ،وهو التزام اخلاقي وديني ،بينما ظروف اسرانا لدى العدو كانت سيئة للغاية ،عدا عن الاساليب التي اعتمدها العدو والمماطلة في تحرير اسرانا والشروط التي فرضها على أهالي الأسرى بعدم إقامة الاحتفالات تحت طائلة الملاحقات وإعادة الاسر .وقد عبر الأسرى العائدون الى غزة ،وبينهم ٢٨ اسير كانوا محكومين بالمؤبد عن معاناتهم في السجون الاسرائيلية ،والتعذيب الذي كانوا يتعرضون له واوضح أحدهم وهو ما يزال في حافلة العودة أنهم اي ضباط وعناصر السجون الاسرائيلية كانوا يعاملونهم كالحيوانات بل أقل من ذلك.. وأن بعضهم تعرض للاغتصاب على يد جنود الاحتلال،وقد أشار نادي الاسير الفلسطيني الى الممارسات الإرهابية للاحتلال بحق المحررين بالإضافة إلى تهديدات وصلت إلى حد القتل تضمنتها منشورت ألقت بها المسيرات الاسرائيلية وتمنع بموجبها الاحتفالات بالتحرير.وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الدرك الذي وصل إليه السقوط الأخلاقي في كيان العدو..والذي تجاوز كل المعايير والقوانين الدولية والإنسانية.مشهدان متناقضان يرسلهما خصمان على طرفي نقيض :كيان مغتصب للأرض يمتلك من الإمكانات والقوة والمقدرات ما تنوء به الارض على رحابتها تدعمه أميركا والغرب بكل متطلباته يمارس ابشع اشكال التعذيب والاجرام بحق المعتقلين لديه ويحرمهم في المعتقلات وحتى بعد إطلاق سراحهم من ابسط حقوقهم الإنسانية. ..مهددا بإعادة الاعتقال في حال عدم الالتزام بتعليماته وفرض اجراءاته التعسفية. وفي المشهد الآخر قطاع صغير من الارض ابيدت معالمه ومحاصر على مدى أكثر من سنة وثلاثة أشهر ولايملك من إمكانات الحياة البسيطة الا القليل يقدم نموذجا فريدا في التعامل مع الأسرى واحترام حقوق الإنسان عدا عن الدقة والتنظيم الممسوك بالأمن والاجواء السلسة.والهادئة.والأهم من ذلك الارتياح البادي على وجوه الأسرى أثناء تسليمهم الى المنظمة الدولية..وكأنهم يقدمون الشكر لمحتجزيهم على مايشبه حسن الضيافة. رسالة معبرة للقول ان من يروي الارض بالدماء هو من يمسك بها وهو من يحفظها.. وهو القادر على إنجاز انتصار اخلاقي سواء في موضوع الاسرى المحتجزين او في غيره مقابل السقوط الأخلاقي عند الاحتلال. د.احمد فخر الدين