إلى جميع الأمهات الراحلات في عيد الام يا زهرة العمر الذابلة في حقل الذكريات،
بقلم خديجة البزال
إلى جميع الأمهات الراحلات في عيد الام يا زهرة العمر الذابلة في حقل الذكريات، يا قمرًا أضاء ليالي الطفولة وانسحب بهدوء إلى سماء الأبد، يا ينبوع الحنان الذي جفَّ قبل أن أرتوي، أبعث إليكِ رسالتي هذه، محمولة على أجنحة الشوق، ومبللة بندى الدموع.في عيدكِ، أبحث عنكِ في زوايا البيت، بين أروقة الذكرى، في رائحة القهوة التي كنتِ تصنعينها، في صوت الملاعق وهي تتراقص بين يديكِ، في دعائكِ الذي كان يحميني من ظلام الأيام. لكن لا أجدكِ إلا طيفًا في حلم، وظلًا في الذاكرة، ونسيمًا يلامس وجهي حين أذكر اسمكِ.أمي، يا شمعة انطفأت لكن ضياءها لا يزال يسكنني، يا نجمة سقطت من سماء الدنيا لكنها أضاءت قلبي للأبد. كم تمنيتُ أن أركض إليكِ اليوم، أن أضع يدي بين يديكِ، أن أسمع صوتكِ يردد اسمي كما كنتِ تفعلين وأنتِ تملئين الدنيا حبًا وسكينة.أيتها الراحلة الحاضرة، كم من الورود قطفتُ اليوم، ولكن أي وردة تكفي لتعبر عن شوقي إليكِ؟ وكم من الكلمات رتّبت، ولكن أي كلمة تليق بمقامكِ؟ أنتِ التي كنتِ تجيدين صناعة الحياة من أبسط الأشياء، وكنتِ تزرعين الحب حتى في أرض قاحلة، كيف لي أن أجد بديلاً عن قلبكِ الذي كان وطني وسندي؟في هذا اليوم، لا أملك إلا الدعاء، أرفعه إلى السماء كما كنتِ ترفعين يديكِ لي في صلاتكِ، وأهمس للريح: احملي سلامي إلى حيث ترقد، أخبريها أن حبها لم يذبل، وأن حروف اسمها لا تزال منقوشة في عمق الروح، وأخبريها أن قلبًا هنا لا يزال ينبض بها، ولن يكف عن ذلك حتى يجمعنا الله في دار الخلود.رحمكِ الله يا أمي، وجعل الفردوس مأواكِ، وكل عام وأنتِ في نعيم لا يزول.خديجةالبزال
