مقالات

بعلبك أسيرة العادات والقانون.

كتب علي مرتضى .

مداهمة “ابو سلّة” بين الواقع والتطبيق
✒️علي شفيق مرتضى
٤ حزيران ٢٠٢٢

قضية الشراونة ، أقلبها يميناً وشمالاً بغية الوصول الى قراءة صحيحة لمشهد عملية “مداهمة ابو سلّة” ، قراءة تراعي بموضوعية الجانب الأمني والإجتماعي والإقتصادي والمعيشي لتلك المنطقة ك “سلّة” واحدة لا تشبه تلك التي يمتلكها علي منذر زعيتر.

عملية أمنية خُطط لها مسبقاً وحُددت أهدافها وتوقيتها ، توقيف “ابو سلّة” وتحويله الى صيد ثمين يتباهى به في الأقنية الامنية لاحقاً.

من الناحية الإجتماعية والعقائدية في بعلبك الهرمل لدى عشائرئها، “الكلّ” مع بسط الدولة سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية، و”لما يصير وقت الجدّ” يصبح التطبيق يشبه تطبيق ساسة لبنان بإلغاء الطائفية السياسية وما ستلحقه به من ضرر، الضرر لدى هذه يختلف حسب مفهومهم وهو كسر لشوكتهم وقوتهم الميدانية.

نعم “بدنا وما بدنا” ، لا نتحدث هنا عن عائلة وعشيرة معينة ، بل “كلن يعني كلن” ، بيئات يجمعها الرابط العائلي والعشائري في بعلبك الهرمل وتتجه بتأيديها السياسي الى الثنائي الشيعي بنسبة ٢٤٠٠ سهم من اصل ٢٤٠٠ سهم ، وتمتاز بعادات وتقاليد طيبة توارثتها من أسلافها، وما ينغّص عيشها اليوم وجود مجموعات خارجة عن القانون بشتى الجرائم وتُشكل نسبة ضئيلة إذا ما قِيست بأعداد افراد هذه العشيرة او تلك العائلة، والعقدة تكّمن عند دخول الأجهزة الأمنية لتطبيق القانون ، وهنا تبدأ “ما بدنا” ويبدأ التعاطف من هنا وهناك وتحويل المشهد وكأنه إعتداء عليهم وذلك نتيجة وجود لحّمة فيما بينهم بنسبة معينة وعلى قاعدة التظافر “انا وابن عمي على الغريب” بشعور فطري ينقصه التثقيف اكثر واكثر.

القضية لا نراها اليوم قضية نجاح الأجهزة الامنية في إلقاء القبض على مطلوب ام لا، القضية ومعضلتها لا تحتاج الى حلول أمنية كما التي شهدناه بعملية “بو السلّة” ، بل هي أعمق بكثير وخاصة للجوانب السلبية التي خلفتها تلك الحلول ، أكان في الجانب البشري وسقوط شهداء وجرحى من للأجهزة الأمنية او المواطنين العزّل او سقوط المطلوبين أنفسهم ، فمهام الأجهزة الأمنية يقتصر على تقديم المطلوبين للعدالة لا قتلهم تحت مسميات أمنية متنوعة.

العلاج الأمني لا ينجح هنا في هذه البيئة المُتخمة بالسلاح وتتّقن إستعماله والكلّ يعلم أن هذه البيئة عندما تُرزق بمولود ذكر ، يُقال “ربحنا بارودة” ، وتتغنى بتاريخها المقاوم الذي يمّتد الى قرون عدّة ، وربما بمكان ما ولحظة معينة ستترسخ فكرة العداء بسبب مشهد هدم البيوت لدى أجيال ما قبل البلوغ لديهم وستُخدش القدسية للأجهزة الأمنية في عقولهم وهذا سيشكل خطراً إضافياً ومعاناة جديدة للمنطقة.

الحلّ لا يبدأ إلا من خلال هذه البيئات وتكاتفها التثقيفي لنبذّ حالات الإتجار بالمخدرات وكافة الجرائم ونشرها كثقافة مجتمعية الى جانب العادات والتقاليد التي يتبعونها ، وقد تتحقق هذه الغاية بتفعيل مثقفيها ودعمهم فهمّ كُثر، وحثّهم على إنشاء قاعدة يُمكن ان تكون المدماك الذي يُؤسس عليه.

هذا من جهة ومن جهة أخرى يأتي دور الدولة اللبنانية عبر إقرار مرسوم تطبيقي لزراعة القنب الهندي بعد ان صدر قانون لذلك ، وإصدار قانون العفو العام عن المطلوبين الغير ملوثين بدماء الآخرين ، وهذا سيشكل حافزا إضافياً لفتح صفحة جديدة لهذه البيئات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى