الإعدامات اليوميّة .. وإرهاب الدّولة كتب عاطف أبو موسى .
بين الحين والآخر تُطِلُّ علينا شرذمةُ تجردت من كل معاني الإنسانيّة ، ومجموعةُ قتلةٍ من خلال حواجز الموت المنتشرة بين محافظات الضفة الغربية ، سموا أنفسهم جيش الدفاع الإسرائيلي، ومن خلال المرور عبر الحواجز تجدهم محصنين داخل غُرفٍ اسمنتيةٍ بعيدةً نسبيًا عن السيارات والمواطنين ، يحملون أسلحتهم التي في كثير من الأحيان لا تحميهم ، بل لا يستخدمونها عند احتياجها نتيجة الجبن والخَور الذي يتملكهم ، يتحكمون في الدخول أو الخروج من الحاجز للتنغيص على المواطنين ، وتأخيرهم عن أعمالهم ، وإخضاعهم للتفتيش القسريّ ، وفي كثيرٍ من الأحيان إطلاق الرصاص المباشر عليهم، وإصابتهم.
في الآونة الأخيرة قام العدو الصهيوني بتغيير سياسة إطلاق النار، حيث أنّ السّياسة القديمة كانت تقوم على أنّ إطلاق النّار يكون على من يحمل سلاحًا، أو من يُشكّلُ خطرًا على حياة الجنود من مسافة قريبة ، إلا أنّ الجُنود قاموا بتنفيذ قرارات المستوى السياسي والمسؤولين الصّهاينة بإطلاق النّار على أي مواطن يُثير الشّك والرّيْبة، وأنّ إطلاق النار يكون بهدف القتل لا الإصابة ، حيث أنّ آخر جريمة قام بها العدو الصهيوني بتاريخ 02/06/2022 م عندما قام باقتحام مخيم الدهيشة بمحافظة بيت لحم ، وأثناء المواجهات أطلق النار باتجاه الشاب أيمن محمود محيسن (21) عام ، والذي ارتقى شهيدًا على إثرها.
فقد دأبت المؤسسة الصهيونية على امتداد السنين التي احتلت فيها فلسطين على السّير في طريق تغييب الفلسطيني بالاعتقال ، أو الإصابة ، أو بالنفي ، وصولًا إلى تغييبه وللأبد عن المشهد من خلال إعدامه عبر الحواجز التي قطّعت أوصال المحافظات في الضفة الغربية ؛ ففي تاريخ 01/06/2022 م كانت الصحفية الفلسطينية والأسيرة المحررة غفران وراسنة (31) عام تمر من الحاجز المتواجد بمدخل مخيم العروب شمال محافظة الخليل تقصد عملها، حيث أنّ الوضعَ كان هادئًا نسبيًا ، ولا توجد مواجهات لحظتها ، ودون أن تشكل خطرًا على حياة الجنود ، قام أحدهم بإطلاق النار عليها ما أدّى إلى استشهادها على الفور، وقد ادّعى أحد الجنود حينها بأنها حاولت تنفيذ عملية طعن ، وهذا ما دفعه إلى إطلاق النار اتجاهها ، وتحييدها.
لذلك لا يمكن أن يفلت العدو المجرم من العقاب ، و تدفيعه ثمن الجرائم التي قام بتنفيذها ، ولا يتأتى ذلك إلا عبر فضحه في كل المحافل الدولية ، وعليه لِمَ لا يتم تشكيل فريقًا قانونيًا لرفع هذه الجريمة المكتملة الأركان إلى محكمة الجنايات الدولية ، لمحاكمة مجرمي الحرب الذين يقومون بإطلاق النار على المواطنين العُزّل وإعدامهم ، حتى الوصول إلى المسؤولين الصهاينة الذين أعطوا الأوامر لتنفيذ هذه الجرائم.
لذلك فإنّ العقلية الصهيونية معروفة منذ أن احتلت مدننا وقرانا ، فهي التي لا تتورع عن التنكيل في كل ما هو فلسطيني ، أو اعتقاله ، أو إصابته ، وأخيرًا قتله ، فهي تمارس الإعدامات الميدانية داخل الحواجز بتعليمات من المسؤولين الصهاينة ، متجاوزةً بذلك القانون الدولي لإرهاب المواطنين ، الأمر الذي يؤدي إلى تدفيعهم ثمن المرور من الحاجز، ولخلق حالة من الهلع ، والقلق ، وعدم الراحة لدى المواطنين ، غير أنّ الفلسطيني ما زال مصممًا على انتزاع أرضه ، وعلى الحفاظ على كشف زيف المؤسسة الصهيونية التي تَدّعي احترامها لحقوق الإنسان ، وانصياعها للقانون الدولي.
لذلك كله ، أرادت المؤسسة الصهيونية إثارة الخوف والفزع في نفوس المواطنين ، ربّما اعتقدت أنّه من الممكن تحييد الفلسطيني عن القيام بواجبه ، وعقابهم بالقتل والإعدام على الحواجز لضمان عدم استمرار المقاومة ، وبالتّالي تخبو جذوة المواجهة مع الاحتلال.