مقالات

هل تنخرط إسرائيل ولبنان في مفاوضات بعد اشتعال النزاع حول حقل كاريش؟

بعد 5 أسابيع من الإبحار، وصلت منصة تنقيب إسرائيلية عن الغاز إلى حقل كاريش، في 5 يونيو/حزيران الجاري، وسط احتجاجات لبنانية. وتستخدم المنصة العائمة لإنتاج وتخزين وتفريغ الغاز، ومن المقرر أن تبدأ العمل بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.

ويتم تشغيل المنصة من قبل شركة “إينرجيان” اليونانية. وقال الرئيس التنفيذي للشركة “ماثيوس ريجاس” بعد وصول منصة التنقيب: “هذه خطوة كبيرة إلى الأمام لتسليم دفعة الغاز الأولى من حقل كاريش”. وقد أعربت السلطات الإسرائيلية عن سعادتها بوصول منصة التنقيب التي تعزز جهود إنتاج وتصدير الغاز من قبل إسرائيل.

وفي 30 مايو/أيار الماضي، غردت وزيرة الطاقة الإسرائيلية “كارين الحرار”، قائلة: “نحن بصدد البدء في برنامج التنقيب الرابع عن الغاز الطبيعي… تشارك إسرائيل في جهود مساعدة أوروبا التي تجد نفسها الآن في أزمة طاقة حادة”.

وقد أشعل وصول المنصة الإسرائيلية إلى حقل كاريش جدلًا قديمًا بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحرية للبلدين، وبالتالي حقوق الاستكشاف في المناطق البحرية لتحقيق مكاسب اقتصادية.

وترى إسرائيل أن الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي في أوروبا نتيجة حرب أوكرانيا من جهة، والأزمة الاقتصادية الشديدة في لبنان من جهة أخرى، قد يدفع بيروت إلى استئناف المحادثات لحل النزاع والحصول على بعض المكاسب دون المساس بالأهداف والمصالح الإسرائيلية في نهاية المطاف.

وتحدد إسرائيل حدودها البحرية مع لبنان بخط يمتد من آخر نقطة حدودية برية على الساحل بزاوية 90 درجة. ويفضّل لبنان رسم خريطة للحدود كاستمرار مباشر للحدود البرية. وتشكل المنطقة المتنازع عليها منطقة مثلثة الشكل تبلغ مساحتها حوالي 850 كيلومترًا مربعًا (328 ميلًا مربعًا).

وقد بدأت مفاوضات غير مسبوقة بين البلدين في أكتوبر/تشرين الأول 2020. ومع مجيء إدارة “بايدن”، تم تعيين “آموس هوشستين” للتوسط في المحادثات، وقد عمل “هوشستين” كمستشار لشركات الطاقة الأمريكية قبل تعيينه في منصبه في إدارة “بايدن”، وعرض على الطرفين عدة حلول، واجتمع عدة مرات بالرئيس اللبناني “ميشال عون” ورئيس الوزراء “نجيب ميقاتي” لبحث الأمر.

وتوقفت هذه المحادثات في مايو/أيار 2021. وأثار وصول منصة التنقيب الإسرائيلية إلى حقل “كاريش” المشكلة مرة أخرى. وقال مصدر دبلوماسي في لبنان لـ”المونيتور” إن ذلك منح فرصة لـ”عون” و”ميقاتي” لاستئناف المفاوضات. ولكن من أجل القيام بذلك، يجب أن يظهروا متشددين عند التعامل مع إسرائيل، وقد يفسر ذلك التصريحات القاسية التي أطلقوها حول الوضع.

وقال “ميقاتي” إن إسرائيل “تتعدى على ثروة لبنان البحرية وتفرض أمرا واقعا في منطقة متنازع عليها”، واصفا ذلك بـ”الخطر للغاية”. وفي ذات السياق هدد الأمين العام لحزب الله “حسن نصرالله” بضرب المنصة.

ولم تتجاهل إسرائيل هذه التهديدات حيث أكد المؤتمر المشترك لـ”الحرار” ووزير الدفاع “بيني جانتس” ووزير الخارجية “يائير لابيد” أن “دولة إسرائيل تعطي الأولوية لحماية أصولها الاستراتيجية، وهي مستعدة للدفاع عنها وعن بنيتها التحتية لأبعد مدى”.

وقال “ريجاس” لـ”المونيتور”: “إن البيان المشترك للوزراء الثلاثة حسم الموقف الإسرائيلي.. كل من يستثمر هنا يدرك تمامًا أن الحكومة الإسرائيلية ستحمي استثماراتها.. أنا سوف أذهب بنفسي إلى منصة كاريش وأقضي الليل هناك”، مضيفا: “أشعر بأمان شديد حيال ذلك”.

 يشار إلى أن عائدات الغاز الطبيعي في إسرائيل وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 380 مليون دولار في عام 2021.

ومن المقرر أن يصل “هوشستين” إلى بيروت هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع “عون” و”ميقاتي” حول سبل حل الخلاف. ووفقًا لمصادر أمريكية وإسرائيلية معنية بالموضوع، فإن “هوشستين” جعل وصوله مرتبطا بتراجع لبنان عن الموقف الذي تبناه في مفاوضاته مع إسرائيل (المعروف باسم الخط 29). وستتمحور المناقشات حول الخط الأصلي الذي قدمه لبنان إلى الأمم المتحدة (المعروف باسم الخط 23) والخط الذي قدمته إسرائيل (المعروف باسم الخط 1).

وقال مصدر دبلوماسي لـ”المونيتور”: “التصريحات الصارمة لعون وميقاتي لدى وصول منصة إينرجيان إلى كاريش كانت تهدف إلى الإشارة إلى موقف متشدد خطابيا فقط، بعد التخلي عن الموقف الصارم في المفاوضات”.

ويبدو أن التقدير في إسرائيل هو أن “عون” و”ميقاتي” على استعداد لاستئناف المفاوضات خاصة إذا قدم “هوشستين” اقتراحًا جذابًا للجانب اللبناني.

المصدر | داني زاكين | المونيتور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى