الثقة بالنفس هي الاساس*خاص*Bawwababaalbeck
بقلم الباحث السياسي السوري د. خالد المقداد
أثناء حضوري لأحد المحاضرات العلمية الأسبوع الفائت، استشهد المحاضر بعدد من الإحصائيات الواردة في بعض الصحف والفضائيات الغربية كنيويورك تايمز، وواشنطن بوست، و CNN، كما استشهد بتقارير للأمم المتحدة متضمنة إحصائيات حول موضوع المحاضرة في سورية..
ما لفت انتباهي هو الاهتمام الشديد من الفئة المميزة من الحضور بهذه المصادر، بحيث أنها كانت تثق بالمعلومة الوطنية المؤيدة بإحصائية خارجية، سواءاً كانت غربية أم أممية، علماً أن إحصائيات الأمم المتحدة تستند إلى المعلومات والإحصائيات الوطنية.
أما أنا، فقد عاد الزمن بي إلى “اتفاقية كيفونيم”، “ووعد بلفور”، وإلى اتفاقية “سايكس بيكو”، والتي لم تعلن جميعها بالنسبة للعرب إلا عند وقوع الخلاف بين الغرب، أو تعارض مصالحهم، ولم يقتنع بها العرب إلا عند التطبيق الفعلي لهذه المؤامرات والمخططات الغربية.
ولم يختلف أسلوب الغرب في التخطيط السري ضد وطننا العربي، وكذلك لم تختلف ردة فعلنا كعرب ضد هذه المخططات. فمخطط الحرب الغربية ضد سورية، وعلى الرغم من كشفه، والتحدث عن تفاصيله، إلا أننا وجدنا نسبة لا بأس بها، تحولت إلى أداة تنفيذية لهذه المخططات.
ما جعلني أتساءل، هل حقاً لم نستطع بعد مرور ما يقارب ال 80 عاماً على الاستقلال أن نبني إعلاماً وطنياً يخاطب الأمة، ويكون أداة لبناء الثقة الوطنية؟!
والتساؤل الثاني، أما آن لنا كشعب عربي أن ندرك بأن ما قاله الروائي الانجليزي “روديارد كبلينغ Rudyard Kipling” بأن: “الشرق شرق، والغرب غرب، والاثنان لا يلتقيان أبداً”. هي دستور حياة، وعقيدة وإيمان بالنسبة للحكومات الغربية!!
أما آن لنا أن ننطلق في بناء حاضرنا من ذواتنا، وقيمنا، وتقاليدنا، وحضارتنا؟
أعتقد أن ذلك يحتاج إلى جهد حكومي لبناء الثقة السياسية، والاجتماعية، والثقافية، في مجتمعنا..
وهو أمر ممكن جداً، وليس بعيداً عنا، فسكان الكيان المؤقت، يثقون بإعلام عدوهم، وتصريحات العدو الأول لهم، أكثر مما يثقون بزعمائهم السياسيين، أو تقاريرهم الإعلامية..
وهو ما يجعلنا نستفيد من هذه التجربة المجاورة، لأنه حتى الأمم المتحدة، التي قررت عام 2008 دفن نتائج تحقيق “لجنة أونيسكوم”، الخاصة بالكشف عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، في موقع سري لا يعرفه سوى الأمين العام. هي نفسها التي تم من خلالها تدمير ليبيا ونشر الفوضى فيها، وهي ذاتها التي صمتت عن إبادة اليمن السعيد، ليست بمنأى عن التآمر والمخططات السرية ضد الدول العربية، واستخدامها كأداة تسلل لدولنا..
وأخيراً.. لا بد لنا أن ندرك أنه بعد أكثر من مئة عام على مقولة الروائي روديارد.. لم يعد يكتف الغرب بعدم الالتقاء مع الشرق، بل أصبح يهاجمه فكرياً وعقائدياً ومجتمعياً، ليفككه داخلياً، ويحوله إلى نسخة تابعة له..