بريكس عربية..
أثناء انعقاد المؤتمر الصحفي الختامي لقمة جامعة الدول العربية في الجزائر، سألت إحدى الصحفيات السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة، سؤالاً حول غياب سورية عن مؤتمر القمة، وما هي الجهود التي بذلها في سبيل إنهاء الحرب على سورية. فما كان منه إلا أن لجأ إلى محاولة هروب غير موفقة بأن أراد بداية إنهاء المؤتمر الصحفي، ثم ذهب إلى ذكر جهوده الاسمية في مكافحة الكوليرا في لبنان، والتي تمثلت في مراسلته رؤساء الدول الغربية، والأمين العام للأمم المتحدة، لحثهم على محاولة إرسال “أكبر كمية ممكنة” من لقاحات الكوليرا وعلاجاتها..
هذا المؤتمر عاد بي إلى عام 2006، وتحديداً إلى محاضرة جامعية بعنوان “جامعة الدول العربية”، ودعوني أقتبس من تلك المحاضرة حرفية ما ورد فيها نظراً لأهميته: “في أسباب إنشاء جامعة الدول العربية رأيان، الأول يقول بأن الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية رأت من مصلحتها أن تلم شعثها وتوحد خططها السياسة والاقتصادية تمهيداً لتحقيق الوحدة العربية الكبرى، لذا تداعت إلى مؤتمر الاسكندرية الذي صدر عنه ما يعرف ببروتوكول الاسكندرية الذي انبنى عليه ميثاق جامعة الدول العربية، وقد تم توقيعه في الثاني والعشرين من آذار/ مارس 1945.
والرأي الثاني يقول: إن فكرة إنشاء جامعة الدول العربية إنما كانت وحياً أوحته بريطانيا إلى المتنفذين من حكام العرب في محاولة لإجهاض الفكرة الوحدوية العربية الحقيقية بخلق كيان واه، يدعى أنه خطوة نحو الوحدة الكبرى، في حين أن العكس هو الصحيح”. انتهى الاقتباس.
بعد أكثر من 15 عاماً على هذه المحاضرة، ومن خلال متابعة ما تضمنته هذه الفترة من أحداث عربية، ومصائب لحقت ببعض الدول العربية بسبب سياسات وقرارات جامعة الدول العربية، ليس ابتداء من التفريط بفلسطين العربية من خلال مبادرة السلام العربية 2002، والسكوت عن مجازر الكيان المؤقت يومياً بحق الشعب العربي في الإقليم الفلسطيني، وفتح الباب أمام حلف الناتو لتدمير ليبيا، وتفويض السعودية لمحو اليمن، وفتح الباب على مصراعيه واستجداء الغرب يومياً لتكرار أسلوب تدمير ليبيا في سورية، وليس انتهاء بالمشاركة في خنق سورية اقتصادياً.. لن يستغرب أحد الرأي الثاني الذي أصبح واقعاً معاشاً، ولن أستغرب تصريح أحمد أبو الغيط عندما كان وزيراً لخارجية الإقليم الجنوبي أثناء حصار غزة في عام 2005، بأنه سيقطع قدم أي فلسطيني يحاول الدخول إلى مصر من غزة..
إن واقع جامعة الدول العربية هو بذات سواد الليل، في ليلة شتوية حالكة، إلا أن سوادها ليس بتلك الظلمة، لأن هذه الظلمة أنارها موقف وزير خارجية الجزائر العربية، الشريان الرئيس لقلب العروبة، حيث انبرى مباشرة للجواب على سؤال الصحفية بأن سورية لم تكن غائبة عن مؤتمر القمة العربية، بل كانت موجودة في صورتين، الأولى تجسدت بوجود الجزائر كممثل عن سورية، والثانية بأن سورية حاضرة في قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج..
من هذين الموقفين، أصبحنا نعتقد بصحة سببي تأسيس جامعة الدول العربية، ولذلك آن الأوان لتشكيل تجمع عربي حقيقي، يجمع الدول العربية القومية المستقلة حقيقة، بحيث يصبح هذا التجمع هو النواة الحقيقية للوحدة العربية التي أصبحت مجرد ذكريات أو أدبيات تثير تهكم بعض العرب والمتابعين للشأن العربي..
إن هذا التجمع في رأينا، قد يشابه منظمة بريكس عربية، حيث إن جدية هذه المنظمة المقترحة وفاعليتها، سيجعل منها قبلة تستقطب الدول العربية الأخرى، مما يساهم في تغيير واقع التبعية العربي.