أخبار محلية

الباحث الاقتصادي “محمد ياسر الصبان”

“زكاة المال” معجزة علمية ونهضة إنسانية.
💐💐💐💐💐💐
ولادة العملة المحصنة ضد التضخم والربا المالي التي تزكو وتنمو قيمتها الشرائية سيكون مؤذناً مبشرا بإشراقة شمس حضارة إنسانية أكثر عدالة من الدول الإسكندنافية وأغزر نمواً وإنتاجاً وأقوى عسكرياً من دول حق النقض مجتمعين، حضارة تقضي على البؤس الإجتماعي والظلم السياسي والفساد الإداري والأخلاقي وتكتسب رضا الله ونصره لها ولكل من يعملون على تحقيقها وتدخلهم التاريخ البشري من أوسع أبوابه…..
إن مواصفات الإنسان المؤمن واضحة، منها الحكمة والفطنة والصبر والإيثار والدفع بالتي هي أحسن وإعادة النظر علمياً بالموروث الثقافي، والإلتزام بتدبر آيات القرآن الكريم. ومن مواصفات “القرآن الكريم” الإعجاز العلمي ووجود آيات معجزات تطوّر الإنسانية، وسيكتشفها البشر في الآفاق وفي أنفسهم ليتأكدوا بأنه الحق من الرحمن الرحيم . إضافة إلى ذلك إعجاز في استخدام كلمات اللغة العربية بحيث يختلف المعنى جذرياً بمجرد إختلاف حركة أو حرف بين كلمتين.
والاختلاف المعجزة الذي سيُكشف للناس بإذن الله له علاقة بتطوير علم السياسة والاقتصاد لتحقيق سعادة البشر على اختلاف مشاربهم. وأقصد هنا إكتشاف المعنى العلمي الصحيح لأمر إيتاء “زكاة المال” وهو أحد الأسرار الإعجازية الكامنة في الرسالة الخاتمة. فقد أعتقد الناس أن زكاة المال مرتبطة فقط بالصدقات وكيفية توزيعها على مستحقيها، إلا أن الصدقات مسألة جزئية جداً عن “زكاة المال” !!!
فالصدقات مسألة مهمة وواجبة ولكن ليس فيها إعجاز، لأن كل مجتمعات العالم وكل معتقدات شعوبه تعمل بنظرية الصدقات فتعطي من أغنيائها لفقرائها، حتى أن بعض المذاهب تستخدم الصدقة لتأليف القلوب والعقول ونشر أفكارها، ومثالها الأبرز هو الإتحاد السوفيتي السابق ومشروع مارشال والمذهب الإنجيلي البروتستانتي ومؤسسات المجتمع المدني الخيرية (NGO’S). وأكثر من ذلك فإن الصدقات تستخدم بكثير من الأحيان لاستعمار المجتمعات والشعوب والأشخاص بتوليد مؤسسات تربوية وصحية واجتماعية وتوظيفية، وهذه مسألة واضحة لأي عاقل…. والصدقات تبطل إذا خالطتها المنّة والأذى، ومحذر منها بوضوح في الرسالة الخاتمة.
أما إيتاء “زكاة المال” فهي معجزة علمية سياسية واقتصادية واجتماعية أكبر وأشمل بكثير من مسألة الصدقات والتكامل الاجتماعي، علماً أن الصدقات وأسلوب توزيعها جزء صغير من مفهوم الزكاة ويجب أن نتنبه بأن لا يدخله الأذى كالمن وخلافه ف “زكاة المال” هي حالة فيزيائية لأهم وأشهى مادة سائلة حيوية يحبها البشر، وتعني نمو كثافة مكونات القيمة الشرائية للمال. لأن دورة المال في أجسام المجتمعات شبيهة بالدورة الدموية في أجسام الكائنات الحية. وبواسطة فهم أهمية سيولتها وأهمية نمو كثافة مكوناتها وقيمتها الشرائية، وتوزيعها على كافة أطراف الجسم، يمكن من توليد المجتمع الأكثر قوة وحضارة وعدالة وثقافة وأمناً من أي مجتمع معروف في العالم مهما اعتقدنا حالياً بأنه الأقوى كالولايات المتحدة أو أنه الأرقى كالدول الإسكندنافية أو أنه الأغزر إنتاجاً كالصين أو اليابان أو ألمانيا. ذلك لأن كل عملات دول العالم اليوم تتعرض للتضخم المالي أي لتسرب جزء من قيمتها الشرائية وهذه سرقة مخفية للنعمة والبركة من المال، وهذه السرقة المخفية للثروة الكامنة في المال تنتج عن النظام النقدي الربوي التضخمي السائد في العالم حالياً، أي أن كل دول العالم تخزّن الفساد السياسي والإقتصادي بنسب متفاوتة وتعطي للمرابي الذي تتسرب إلى خزائنه ثروات كل الشعوب القوةَ الهائلة التي مكنته من فرض قانونه واختيار ساسة العالم وإفساد الأخلاق ومعظم العلوم خاصة السياسية والاقتصادية الحديثة بكافة مدارسها. وهنا تكمن معجزة “زكاة المال” بالمعنى الذي أقصده أي حصانته من أي تسرب للنعمة، ونمو قيمته الشرائية بالتزامن مع سيولته والتوازن في كمية ضخه في جسم المجتمع. فولادة المال الذي يزكو تحتاج إلى العديد من العوامل التي تتعلق بأمن وسعادة ورفاهية الإنسان، ومنها المناعة العسكرية، النمو الإقتصادي ، التطور العلمي، الأمن الداخلي، مكارم الأخلاق، الصحة العامة، العدالة في القضاء، البيئة الصحية النظيفة، الأمان الصحي والترابط الأسري وغيرها العديد من الأمور المتعلقة بسعادة الإنسان.
والمفارقة التي ستدهش عقل العالم كله عندما تولد عملة تزكو لها عدة إتجاهات، أولها أن المدارس السياسية الحديثة بكافة توجهاتها عملت على استبعاد أمر الله في إدارة سياسة الأمم وشؤون الناس، فالشيوعية قالت بأن الدين أفيون الشعوب والليبرالية قالت بعلمانية المجتمع وفصل الدين عن الدولة. الشيوعية أعطت ملكية أدوات الإنتاج للسلطة السياسية فألغت الجبايات الضريبية والمبادرات الفردية بحجة العدالة الاجتماعية، والليبرالية حافظت على المبادرة الفردية وجعلت الجبايات الضريبية تصاعدية وأيضاً بحجة العدالة الاجتماعية. وفي الوقت الذي استبعدت كلتا النظريتين ومتفرعاتهما الرسالات السماوية من حساباتها فإنها أعطت للمسؤول في السلطة مكانة اجتماعية وقدرات مالية وسلطة تقريرية وصلاحيات دستورية وحصانات سياسية دون أي قيد أو شرط لجعله خادماً صالحاً مخلصاً للناس يكافئ ويعاقب على حسب نتائج العمل فأفسدت السياسة والسياسيين وحولتهم إلى وحوش مجرمة قاتلة لشعوبها بحجة حماية مصالحهم. ولم يقتصر تخلف النظريات السياسية والإقتصادية الحديثة على هذه المسائل الحيوية بل إنها ذهبت لتصف نمو كثافة القيمة الشرائية للمال بأنه معيق للنمو ومسبب للأزمات ورافع للأسعار، هذا علماً أنه لا يوجد في العالم وعبر التاريخ الإنساني كله أي دولة استخدمت نظرية “زكاة المال” أي نمو قيمته وإلغاء نظريات الجبايات المستبدة المتخلفة والحصول على المال للإنفاق العام الحكومي من خلال ما يغنمه المجتمع كله عندما يزكو المال وتتحسن كثافة قيمته الشرائية فيكون للسلطة حجم إنفاق يعادل خمس المغنم من خلال ضخ السيولة النقدية كوسيلة بديلة عن الجباية، وبالتالي تنمو الموارد المالية لكل مسؤول في السلطة أو تتراجع بحسب نتائج عمل هذه السلطة مجتمعة. وهو نفس ما يحدث في جسم الإنسان بحيث يحصل الرأس والدماغ على خمس خيرات الجسم كله عبر الدورة الدموية فيولد الدماغ الجهاز العصبي الذي ينبهه لأي خطأ ويؤلمه إذا تألم أي عضو في الجسم، وبالتالي يكون المسؤول عن السياسة العامة والمسؤول عن العدالة والمسؤول عن الأمن والحماية والمسؤول عن التطوير العلمي والصناعي والتجاري والزراعي والمسؤول عن البيئة والصحة العامة والمسؤول عن الأخلاق والترابط الأسري وغيرهم من المسؤولين خدم نشيطين مخلصين للإنسان يكافَؤون على النجاح في عملهم فينمو دخلهم، ويتراجع دخلهم إذا فشلوا. وهنا تكمن المعجزة العلمية في أمر إيتاء “زكاة المال” وهنا تكمن أيضاً حقيقة المؤمن الذي يقرأ القرآن ويقول “صدق الله العظيم” فنحن إما أن نكون صادقين مصدقين ومجاهدين في الحرب التي أذن بها الله ضد التضخم والربا دون خوف أو وجل أو تردد فينصرنا الله ونتمكن من نشر رسالته وعدالته ومحبته وثقته بالإنسان في أصقاع الكون، وإما أن نخرج من هذه الحياة كما دخلناها بلا لون ولا طعم ولا أثر، ويستبدلنا الله بمن يحبونه ويحبهم أكثر منا، ويثقون بصدق الرسالة التي أكرمنا الله بها وأمرنا بتدبرها لنكون نحن الأعلوْن الذين لا يهنوا ولا يحزنوا بإذن الله.
يبقى قبل ختام هذه الرسالة مسألة شديدة الأهمية هي أن سيدنا المسيح عليه الصلاة والسلام خاض نفس المعركة ضد المرابين وبنفس المفهوم. فهو قال علناً بتحريم الجباية الضريبية وبأن في المال مادة من عند الله وبأن تجار المال المرابين حولوا الكوكب إلى مغارة لصوص وبأن الحاكم يجب أن يكون خادماً ويجب أن يعاقب ويكافأ بحسب نتائج عمله. مما يثبت بأن الدين عند الله واحد وهو التسليم لله والإسلام له، وبأن المعركة في سبيل نصرة الله واحدة، وساحتها واحدة، ويجب أن يدرك عقلنا بأن كل المدارس السياسية والاقتصادية الحديثة التي تزرع الفساد والبؤس والتخلف والفتن والحروب بلباس (العلم والمصالح الذاتية والقومية) هدفها واحد ومصدرها واحد وهو المرابي المفسد في الأرض وزارع الفتن والحروب والفقر والبؤس والفساد بين البشر. وأرجو من الله أن أكون وقارئ رسالتي هذه من جنود الرحمن الذين يحبهم ويحبونه ويثقون بصدق رسالته ويتدبرونها، ويثق الرحمن الرحيم بهم ليكونوا جنوده في زرع الخير والمحبة والأمان والإيمان في قلوب البشر فينصرهم بحسب وعده للصادقين الناصرين له في الحرب التي أذن بها.
محمد ياسر الصبان
https://bawwababaalbeck.com/wp-admin

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى