أخبار محلية

ما أَحْوَجَنَا إِلَيْكَ، يَا إِمَامَ الوَحْدَةِ وَالتَّعَايُشِ!بقلمِ: د. عَلِيّ أَحْمَد الحَاجِّ حَسَن – بَاحِثٌ سِيَاسِيٌّ وَأُسْتَاذٌ جَامِعِيٌّ

ما أَحْوَجَنَا إِلَيْكَ، يَا إِمَامَ الوَحْدَةِ وَالتَّعَايُشِ!

بقلمِ: د. عَلِيّ أَحْمَد الحَاجِّ حَسَن – بَاحِثٌ سِيَاسِيٌّ وَأُسْتَاذٌ جَامِعِيٌّ فِي ظِلِّ الأَزَمَاتِ المُتَفَاقِمَةِ الَّتِي تَعْصِفُ بِلُبْنَانَ، حَيْثُ تَتَدَاخَلُ الأَبْعَادُ السِّيَاسِيَّةُ وَالِاقْتِصَادِيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ فِي مَشْهَدٍ مَأْزُومٍ يُهَدِّدُ أُسُسَ الدَّوْلَةِ، نَجِدُ أَنْفُسَنَا فِي أَمَسِّ الحَاجَةِ إِلَى اسْتِلْهَامِ فِكْرِ الإِمَامِ مُوسَى الصَّدْرِ، ذَلِكَ المُفَكِّرِ وَالزَّعِيمِ الَّذِي تَجَاوَزَ الأُطُرَ التَّقْلِيدِيَّةَ لِلْخِطَابِ السِّيَاسِيِّ، مُؤَسِّسًا لِرُؤْيَةٍ وَطَنِيَّةٍ جَامِعَةٍ جَعَلَتْ مِنَ الوَحْدَةِ وَالتَّعَايُشِ حَجَرَ الأَسَاسِ فِي بِنَاءِ الدَّوْلَةِ وَالمُجْتَمَعِ.خِطَابُ الوَحْدَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الانقسام منذ وُصُولِهِ إِلَى لُبْنَانَ، أَدْرَكَ الإِمَامُ الصَّدْرُ أَنَّ اسْتِقْرَارَ البِلَادِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ إِلَّا عَبْرَ تَرْسِيخِ مَبَادِئِ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ، بَعِيدًا عَنِ الخِطَابَاتِ التَّقْسِيمِيَّةِ الَّتِي تُكَرِّسُ الِانْعِزَالَ الطَّائِفِيَّ وَالمَذْهَبِيَّ. فَقَدْ كَانَ يَرَى فِي التَّنَوُّعِ اللُّبْنَانِيِّ عَامِلَ قُوَّةٍ لَا ضَعْفٍ، وَأَكَّدَ أَنَّ الصِّرَاعَ الدَّاخِلِيَّ لَا يَخْدِمُ إِلَّا أَعْدَاءَ الوَطَنِ. فِي هَذَا السِّيَاقِ، قَالَ الإِمَامُ الصَّدْرُ: “الطَّوَائِفُ نِعْمَةٌ وَالطَّائِفِيَّةُ نِقْمَةٌ”، وَهُوَ قَوْلٌ يُعَبِّرُ بِوُضُوحٍ عَنْ رُؤْيَتِهِ إِلَى الطَّوَائِفِ كَكِيَانَاتٍ ثَقَافِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ طَبِيعِيَّةٍ، لَا يَجُوزُ تَحْوِيلُهَا إِلَى أَدَوَاتٍ لِلصِّرَاعِ السِّيَاسِيِّ.وَالْيَوْمَ، فِي ظِلِّ مَا نَشْهَدُهُ مِنْ انْقِسَامَاتٍ حَادَّةٍ وَاسْتِقْطَابَاتٍ خَطِيرَةٍ، تَتَأَكَّدُ صَوَابِيَّةُ تِلْكَ الرُّؤْيَةِ. فَاللُّبْنَانِيُّونَ أَمَامَ مُنْعَطَفٍ مَصِيرِيٍّ، حَيْثُ لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ مَجَالٌ لِاسْتِمْرَارِ النَّهْجِ القَائِمِ عَلَى المُحَاصَصَةِ وَالتَّشَرْذُمِ، بَلْ بَاتَ لِزَامًا عَلَيْهِمْ اسْتِعَادَةُ رُوحِ الوَحْدَةِ الَّتِي نَادَى بِهَا الإِمَامُ الصَّدْرُ، عَبْرَ تَعْزِيزِ دَوْلَةِ المُوَاطَنَةِ وَالمُؤَسَّسَاتِ.الْعَيْشُ المُشْتَرَكُ: رُؤْيَةٌ ثَابِتَةٌ لَا مَجَرَّدُ خِطَابٍلَمْ تَكُنْ دَعْوَةُ الإِمَامِ الصَّدْرِ إِلَى التَّعَايُشِ الإِسْلَامِيِّ–المَسِيحِيِّ مُجَرَّدَ شِعَارٍ سِيَاسِيٍّ ظَرْفِيٍّ، بَلْ كَانَتْ رُؤْيَةً اسْتِرَاتِيجِيَّةً تَهْدِفُ إِلَى حِمَايَةِ لُبْنَانَ مِنَ التَّفَكُّكِ. فَقَدْ كَانَ يُؤْمِنُ بِأَنَّ اسْتِقْرَارَ البِلَادِ مُرْتَبِطٌ ارْتِبَاطًا وَثِيقًا بِتَعْزِيزِ الشَّرَاكَةِ الوَطَنِيَّةِ، حَيْثُ قَالَ: “الْإِنْسَانُ أَخُو الْإِنْسَانِ، أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الحَيَاةِ إِلَّا بِالتَّعَاوُنِ وَالتَّآزُرِ”.ختامًا: ما أحوجَنَا إلى نَهْجِكَ يا إمامَ الوَحْدَةِفِي ظِلِّ هَذِهِ اللَّحْظَةِ الحَرِجَةِ مِن تَارِيخِ لُبْنَانَ، نَجِدُ أَنْفُسَنَا أَمَامَ مَسْؤُولِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ تَفْرِضُ عَلَيْنَا إِعَادَةَ إِحْيَاءِ الفِكْرِ النَّهْضَوِيِّ الَّذِي أَطْلَقَهُ الإِمَامُ مُوسَى الصَّدْرُ، وَتَرْجَمَتَهُ إِلَى خُطُوَاتٍ عَمَلِيَّةٍ تُعِيدُ لِلُبْنَانَ وَحْدَتَهُ وَتَكْرِيسَ مَبْدَإِ المُوَاطَنَةِ فَوقَ كُلِّ انْتِمَاءٍ طَائِفِيٍّ أَوْ مَذْهَبِيٍّ. فَلَقَدْ كَانَ الإِمَامُ الصَّدْرُ يُدْرِكُ أَنَّ نَهْضَةَ الأُمَمِ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالتَّضَامُنِ، وَأَنَّ أَفْضَلَ الطُّرُقِ لِتَجَاوُزِ الأَزْمَاتِ تَكْمُنُ فِي العَدْلِ وَإِقَامَةِ الدَّوْلَةِ العَادِلَةِ الَّتِي تَحْفَظُ كَرَامَةَ المُوَاطِنِ وَتَكْفُلُ حُقُوقَهُ.وَإِذْ نُعَايِنُ اليَوْمَ حَجْمَ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي تُوَاجِهُ وَطَنَنَا، فَإِنَّنَا نُدْرِكُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى صِدْقَ كَلِمَاتِهِ حِينَ قَالَ: “أَفْضَلُ وُجُوهِ البِرِّ بَعْدَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، إِدْخَالُ السُّرُورِ فِي قَلْبِ أَخِيكَ الإِنْسَانِ، وَإِغَاثَةُ المَلْهُوفِ، وَقَضَاءُ حَاجَةِ المُحْتَاجِ”. فَهَلْ نَسْتَجِيبُ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ وَنُحَوِّلُهَا إِلَى مَسَارٍ عَمَلِيٍّ يُنْقِذُ لُبْنَانَ وَيُعِيدُهُ وَطَنًا لِجَمِيعِ أَبْنَائِهِ؟الْإِجَابَةُ عِنْدَنَا، وَالخِيَارُ بَيْنَ أَيْدِينَا، وَالمُسْتَقْبَلُ لَا يُصْنَعُ إِلَّا بِإِرَادَةٍ وَطَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى