النيران الصديقة.. ماذا يجري داخل المواقع الإسرائيلية
عكا/ ذيب مصطفى
شهدت الآونة الأخيرة حالة من عدم الاستقرار داخل وحدات الجيش الإسرائيلي، تمثلت بزيادة الحوادث الذاتية بين الجنود الإسرائيليين أثناء خدمتهم العسكرية في مواقع التدريب والحراسة.
التجاوزات سواء الأخلاقية أو العملياتيه بين أفراد الجيش لم تكن حوادث عادية، لكنها تأتي كردات فعل لضغوط كبيرة ومتنوعة يتعرض لها الجنود أثناء الخدمة العسكرية.
خطورة هذه الحوادث تكمن في أنها باتت تشكل خطراً على حياة الجنود، مثلما حصل صباح الخميس الماضي حيث لقي جنديين مصرعهما إثر تشخيص خاطئ ناتج عن حالة التوتر والاستنفار على مدار الوقت، حيث اشتبه جنديان بصديقهما على أنه مقاوم فلسطيني يحاول تنفيذ عمليه، حاولا اعتقاله لكنه استطاع قتلهما قبل أن يكتشف أنهما زملائه في نفس الوحدة.
فساد الجيش
على خلفية الحوادث الأخيرة داخل المنظومة العسكرية الإسرائيلية، هاجمت وسائل إعلام عبرية قيادة الجيش، متهمة إياها بانتهاج أساليب إدارة فاشلة، فيما كشفت تقارير أخرى عن عمليات فساد طالت رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي.
صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، ذكرت في مقال لمعلقها العسكري أليكس فيشمان، إن هناك “شيئا سيئا يحصل في إدارة مشاريع وزارة الجيش الإسرائيلي، مؤكدة أن طمس الحقائق وإخفاء المعطيات هما سبب وجيه آخر للتردي في ثقة الجمهور في الجيش، وأحد الأسرار الدفينة.
وتطرق المحلل العسكري في صحيفة إسرائيل اليوم العبرية يوآف ليمور، في تقرير نُشر اليوم الجمعة، إلى هذا الموضوع، وأشار أن كوخافي دخل اليوم إلى سنته الرابعة والأخيرة في المنصب، وأنه لم يكن يتوقع نهاية ولايته بالوضع الحالي للجيش: “بدلا من جيش يحلق إلى الأمام بأي مفهوم ممكن، يضطر إلى مواجهة سلسلة أزمات تخيم على خططه العظيمة”.
وأوضح تقرير ليمور أن كوخافي هو ضحية نفسه أيضا، وهو يتجه، كي يضرب رأسه بالحائط من دون تقبل نصائح، ومن دون الإصغاء إلى الانتقادات، وهذه ظاهرة معقدة لديه فهو يحيط نفسه بأشخاص رائعين، لكن هؤلاء يرددون أفكاره ولا يطرحون أفكارا متحدية له.
وأشار ليمور أن الذي يحاول القيام أو طرح شيء يخالف توجهات كوخافي ممن حوله، يتم إبعادهم، وهذا حدث لكثيرين من الضباط برتبة لواء في هيئة الأركان العامة الذين أرادوا الخير للجيش وقائده.
قتلهم الرعب
جنود الجيش الإسرائيلي مرغمون على الدخول في الخدمة العسكرية عامين كحد أدنى، وقد يتدرجون في الخدمة لمراكز قيادية، لكن الصراع هنا يمكن في أماكن خدمتهم، فمستوى الخطورة يختلف من مكان إلى آخر، ومن وحدة إلى أخرى.
صحيفة إسرائيل اليوم العبرية كشفت عن عزوف الشبان اليهود واستنكافهم عن الخدمة في الوحدات القتالية، وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولين في الجيش يحذرون من أن هذه الظاهرة مثيرة للقلق، فالمقاتلون يفضّلون الالتحاق بالدفاع الجوي على الالتحاق بلواء جولاني، والالتحاق بالجبهة الداخلية على الالتحاق بلواء جيفعاتي، ويفضّلون الانضمام الى حرس الحدود بدلًا من الالتحاق بلواء كفير.
من جهته قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي مهران ثابت، إن المنظومة الإسرائيلية اليوم أكثر هشاشة من ذي قبل، وهي بالضبط كبيت العنكبوت يعتريها الضعف والوهن أكثر من أي وقت سابق.
وأضاف ثابت خلال حديثة لموقع عكا، إن النجاحات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في كل الجبهات، أثرت سلباً على رغبة القتال لدى جنود الجيش الإسرائيلي، كذلك وضعت القيادة الإسرائيلية أمام تحديات كثيرة وكبيرة، وأفقدتهم ثقة الجمهور الإسرائيلي بالجيش.
وحول حادثة مقتل الجنديين الإسرائيلي الخميس الماضي بطريق الخطأ، أكد ثابت أن الخطأ لم يكن عادياً، ولكنه ناتج عن ضغوطات عسكرية وميدانية يتعرض لها جنود الجيش الإسرائيلي على مدار الوقت، فهم في حالة استنفار بسبب مخاوفهم من العمليات التي ينفذها الشبان الفلسطينيين في الضفة والداخل الإسرائيلي.
وأشار ثابت إلى أن الحالة السائدة لكل جندي إسرائيلي أنه هدف مشروع لعمليات المقاومة الفلسطينية، وهذا ما شكل لهم حالة من الارباك والارتباك إزاء أي خطر قد يشعرون به، كذلك تعليمات إطلاق النار والتي تتغير من وقت لآخر، أصابتهم في مقتل حينما باشر الجندي بإطلاق النار فوراً على اثنين من زملائه في نفس الوحدة.
توتر الميدان
يوميات جنود الجيش الإسرائيلي لا تخلوا أبداً من أحداث ميدانية، سواء الاستنفار الدائم على حدود قطاع غزة، أو المواجهة اليومية على حواجز الضفة الغربية، مروراً بالخوف الدائم من العمليات في القرى والبلدات العربية في إسرائيل.
الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي رأي أن حالة الجندي الإسرائيلي في ظل معطيات الميدان والأحداث اليومية، أرهقته وجعلته ينظر للحظة عودته من خدمته سالماً على أنها انجاز عظيم وسعادة بالغة.
وأشار الرفاتي خلال حديثة لموقع عكا، إلى أن الجيش الإسرائيلي وقيادته أنهكتهم الهجمات الفلسطينية في كل الجبهات، رغم سعيهم الحثيث لمحاولة لمحاولة تهدئة الميدان، إلا أن الوعي الفلسطيني للجيل القادم أثبت أننا لا ننتزع حقوقنا إلا بالقوة.
وتابع، “ما يفعله الفلسطينيين من عمليات قد يظنها البعض عبثية وبلا فائدة، أرهقت قيادة الجيش وأشغلتهم عن التفكير في قضايا أكثر حساسية أوهمية، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء الجنود في الميدان، وصولاً لحالة الغضب والتذمر من الخدمة، انتهاء بارتكابهم أخطاء قاتله.
من جهتها نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن قائد شعبة التخطيط السابق في الجيش لواء احتياط أمير أبولعافية قوله: “الخلل الذي أدى لمقتل ضابطين إسرائيليين الخميس الماضي، يعود لارتفاع معدل العمليات بالضفة الغربية في الفترة الأخيرة، وزيادة التوتر في الميدان.